الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

                              القرآن الكريم

القرآن هو القول الثابت، وهو أحد أكبر أسباب تثبيت الإيمان في قلب المؤمن، أضرب أمثلة: الإنسان أحياناً يذهب إلى بلد غربي يرى غنى، بحبوحة، بلاد جميلة، فسق بلا حدود، فجور بلا حدود، كفر بلا حدود، إباحية بلا حدود، نظام، قوة، يقع في تساؤل هؤلاء عصاة لماذا هكذا دنياهم ؟ هذه شبهة، يفتح القرآن الكريم يقرأ قوله تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) ﴾
( سورة الأنعام الآية: 44 )
فيطمئن، القرآن الكريم أعطى تفسيراً للكافر الذي تجاهل هذا الدين، وانكب على الدنيا فملكها، وهذه الدنيا عرض زائل، يأكل منه البر والفاجر.
إذاً بهذه الآية تتوازن.
القرآن الكريم يثبت إيمان الإنسان و يلقي في قلبه الطمأنينة:
أحياناً يرى طغاة يحتلون، وينتهكون الأعراض، وينهبون الثروات، يفتح القرآن الكريم:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
( سورة إبراهيم )
ترتاح أعصابك، يثبت إيمانك، يستقر جنانك، أحياناً إنسان يوهم الناس أنه صالح يخدعهم، تفتح القرآن الكريم:
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾
( سورة العنكبوت )
إذاً هذا الإنسان الذي يوهم الناس أنه إنسان صالح لا بدّ من امتحان صعب من قِبل الله عز وجل.
أحياناً يرى إنساناً مؤمناً ضعيفاً وإنساناً غير مؤمن قوياً، يرى إنساناً فقيراً مؤمناً وإنساناً غنياً غير مؤمن، يرى إنساناً مؤمناً حياته خشنة، يرى إنساناً كافراً حياته ناعمة، يفتح القرآن الكريم:
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
( سورة الجاثية )
هذه الآية تلقي في قلبه الطمأنينة.
عدل الله المطلق في الدنيا و الآخرة:
يفتح القرآن الكريم:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
( سورة السجدة )
يفتح القرآن الكريم:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
( سورة السجدة )
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(36) ﴾
( سورة القلم )
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾
( سورة القصص )
ترتاح أعصابه يرى عدل الله المطلق، يرى أن هذه الدنيا عرض زائل، يأكل منه البر والفاجر، والآخرة وعد صادق يحكم فيه ملك عادل.
اتباع هدى الله عز وجل يبعد العقل عن الضلال و النفس عن الشقاء:
إتباع هدى الله عز وجل يبعد العقل عن الضلال
يفتح القرآن الكريم يقرأ قوله تعالى:
﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
( سورة طه )
لا يضل عقله ولا تشقى نفسه:
﴿ فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
( سورة البقرة )
أي لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، ولا يندم على ما فات، ولا يخشى مما هو آت، يفتح القرآن الكريم:
﴿ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) ﴾
( سورة فصلت )
خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط:
صدقوا أيها الأخوة الكرام، كما قال الله عز وجل:
﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ (27) ﴾
( سورة إبراهيم)
الآن يفتح القرآن الكريم، يقرأ قوله تعالى:
﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120) ﴾
( سورة هود الآية: 120 )
القلب يزداد ثبوتاً بقراءة القرآن الكريم لماذا ؟ يحدثنا عن فرعون، وكيف انتهى مصيره إلى الغرق، هذا الطاغية العظيم، حينما أدركه الغرق قال:
﴿ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) ﴾
( سورة يونس الآية: 90 )
معنى ذلك أن خيار الإيمان خيار وقت، هذا أكفر كفار الأرض الذي قال:
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾
( سورة النازعات)
آمن، معنى ذلك أن خيار الإنسان مع الإيمان لا خيار قبول أو رفض، خيار وقت فقط.
الاطمئنان لعدل الله في مصير المؤمن وغير المؤمن:
يفتح القرآن الكريم يقرأ قوله تعالى:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ﴾
( سورة الحاقة )
والله شيء جميل إنسان عبد الله في الدنيا، ضبط نفسه، ضبط شهواته، ضبط بيته، ابتغى وجه الله، أنفق من ماله، طلب العلم، جلس على ركبتيه في المسجد، أتى من مكان بعيد:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ﴾
( سورة الحاقة )
وهؤلاء العتاة، الفجار، العصاة، المشركون:
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) ﴾
( سورة الحاقة )
يطمئن لعدل الله، و لمصير المؤمن ولمصير غير المؤمن.
فوائد قراءة القرآن الكريم:
1 – تشعر الإنسان بالثقة و بأن الله لن يتخلى عنه:
قراءة القرآن تشعر الإنسان بالثقة
يقرأ قوله تعالى عن سيدنا يونس الذي دخل في بطن الحوت:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
قانون، مهما تكن المشكلة التي تعاني منها ليست في مستوى أن تجد نفسك فجأة في بطن الحوت، في ظلمة بطن الحوت، وفي ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) ﴾
تطمئن.
تقرأ قوله تعالى:
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾
( سورة الشعراء )
فرعون بجبروته، بأسلحته، بقوته، بحقده، بطغيانه خلفهم والبحر أمامهم:
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ﴾
( سورة الشعراء )
2 ـ تلقي في قلب المؤمن السكينة:
تقرأ عن الأنبياء الذين عانوا ما عانوا، وواجهوا الصعوبات، وتحملوا المشقات، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( لقد أُخِفْتُ في الله ما لم يُخَفْ أَحدٌ، وأُوذِيت في الله ما لم يُؤذَ أحد، ولقد أتى عليَّ ثلاثون من يوم وليلة، ومالي ولبلال طعامٌ إِلا شيء يُواريه إِبطُ بلال ))
[أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك ].
من أنت أمام النبي عليه الصلاة والسلام ؟ الذي أريد أن أؤكده لكم أن قراءة القرآن الكريم كل يوم تلقي في قلب المؤمن السكينة، يتوازن، يطمئن، يتفاءل، يرى فضل الله عليه، يرى نعمة الإيمان، يرى نعمة هذا القرآن، فيا أيها الأخوة الكرام، لئلا تنطبق علينا الآية الكريمة:
﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30) ﴾
(سورة الفرقان)
ومن أجل أن تنطبق علينا الآية الكريمة:
﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ (102) ﴾
( سورة النحل الآية: 102 )
دقق:
﴿ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ(102) ﴾
( سورة النحل الآية: 102 )
3 ـ تبعد الإنسان عن جميع الشبهات التي تتوارد إلى خاطره:
إن قرأت القرآن جميع الشبهات التي تتوارد إلى خاطرك يجلوها القرآن الكريم، لأن الله عز وجل قال:
﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ (69) ﴾
( سورة النحل )
الشفاء يقابل المرض، معنى ذلك الإنسان من الشبهات يمرض، من الشهوات يبرأ، أما حينما يقرأ القرآن تنجلي الأمور.
يقرأ قصص الأنبياء، ألقي إبراهيم في النار:
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾
( سورة الأنبياء )
يقرأ في القرآن الكريم:
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
( سورة آل عمران الآية: 123 )
الله هو الناصر، النصر بيده، ولما قال أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في حنين لن نغلب من قلة:
﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
( سورة التوبة )
صدقوا أيها الأخوة الكرام، فيه شفاء للناس.
الشقي من أعرض عن ذكر الله عز وجل:
الشقي من أعرض عن ذكر الله عز وجل
يقرأ مؤمن في بداية حياته هذه الآية:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
( سورة النحل: من الآية 97 )
يلتقي مع صديق له منحرف، غير منضبط، غير ملتزم، ماله حرام، حركته لا ترضي الله عز وجل، يقول لك: الحياة لا تطاق، أتمنى أن أنتحر، يفتح القرآن الكريم:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) ﴾
( سورة طه )
القضية واضحة تماماً.
من طبق منهج النبي الكريم سعد في الدنيا و الآخرة:

يفتح القرآن الكريم يقرأ قوله تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
( سورة الأنفال الآية: 33 )
أي هذا الذي نعذب به بسبب أن منهج النبي عليه الصلاة والسلام ليس فينا:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
( سورة الأنفال الآية: 33 )
أحياناً يقرأ في التاريخ قصصاً ينزعج منها كثيراً، لما هذا الخلاف بين الصحابة ؟ هذا خلاف مبارك به أصله بسيط جداً، لكن لئلا تنسحب عليه هموم الماضي نقرأ قوله تعالى:
﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134) ﴾
( سورة البقرة )
هذه الآية وضعت حداً لأي قلق تاريخي، يقرأ قوله تعالى:
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) ﴾
(سورة آل عمران)
يطمئن.
القرآن الكريم قدّم تفسيراً دقيقاً و متناسقاً للكون و الحياة و الإنسان:
أيها الأخوة الكرام، ما من آية تقرأها إلا وتلقي في قلبك الطمأنينة، والتوازن، والاستقرار، والرضا، والتفاؤل، كأن القرآن الكريم قدم لك تفسيراً دقيقاً، عميقاً، شاملاً، متناسقاً للكون والحياة والإنسان:
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) ﴾
( سورة العلق )
إنسان قوي من دون إيمان يطغى، ويأتي طغيان الغرب واضح جداً، يقرأ الإنسان القرآن الكريم:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾
( سورة العصر )
خاسر بنص الآية الكريمة ولو كان غنياً:
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
( سورة العصر )
أركان النجاة.
فما لم تؤمن، وتستقم، وتدعو، وتصبر ـ هذه أركان النجاة، معك منهج ـ فأنت خاسر.
4 ـ تشعر الإنسان بالثقة و التفاؤل:
صدق أيها الأخ الكريم بقراءة القرآن كل يوم ترى أنك متوازن، ومتفائل، وعزيز النفس لا تلين، لا تتضعضع أمام غني، ولا أمام قوي، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، ارفع رأسك يا أخي لا تتضعضع أمام غني، ولا أمام قوي، ماذا أقول لكم ؟ ستمئة صفحة، تقرأ الآية الكريمة:
﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾
( سورة الأنعام الآية: 115 )
كأن الله يقول لنا: يا عبادي منكم الصدق ومني العدل، أي تتفاوتون عندي بالصدق وأنا أعدل بينكم، تقرأ قوله تعالى:
﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ﴾
( سورة فصلت الآية: 42 )
معنى ذلك أن هذا القرآن،
(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ))
[أخرجه الدرامي عن شهر بن حوشب ]
5 ـ تجعل الإنسان متوازناً و عزيزاً:
آيات دقيقة جداً، تسمع بالأخبار أن أمة متخلفة، إرهاب، قتل، جهل، تفتح القرآن الكريم:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
( سورة آل عمران الآية: 110 )
تعتز، تفتخر أنك عربي:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) ﴾
( سورة آل عمران الآية: 110 )
قراءة القرآن الكريم كل يوم تجعلك متوازناً، تجعلك متفائلاً، تجعلك عزيزاً:
﴿ أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا(78)وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا(79)وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا(80)وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا(81) ﴾
( سورة الإسراء )
6 ـ تبعد الإنسان عن التشاؤم و السوداوية و الإحباط:
يحبط من لا يقرأ القرآن
والله أيها الأخوة الكرام، ما من مرض نفسي، ما من تشاؤم، ما من سوداوية، ما من رؤية بمنظار أسود، ما من إحباط، ما من تصور أن الطريق مسدود، إلا ويبدده القرآن الكريم، إذا قرأته كل يوم، لأنك إذا أردت أن تحدث الله عز وجل فادعه، يقول في صلاته: سمع الله لمن حمده، يا رب لك الحمد، والشكر، والنعمة، والرضا، حمداً كثيراً، طيباً، مباركاً، وإن أردت أن يحدثك الله عز وجل فاقرأ القرآن، أنت إذا قرأت القرآن الكريم الله عز وجل يقول لك:
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (53) ﴾
( سورة الإسراء)
﴿ قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ (31) ﴾
( سورة إبراهيم )
﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(195) ﴾
( سورة الإسراء)
7 ـ تنقل الإنسان من آية كونية إلى آية محكمة إلى آية فيها وعيد:
﴿ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
( سورة البقرة )
مرة تعيش مع أسباب محبة الله، مرة تعيش مع وعد الله:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
( سورة النحل الآية: 97 )
مرة تعيش مع وعيد الله:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾
( سورة طه )
مرة تعيش مع تاريخ الأمم والشعوب كيف أنهم حينما انحرفوا أهلكهم الله عز وجل، مرة تعيش مع المعجزات:
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾
( سورة الأنبياء )
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) ﴾
( سورة الأعراف )
ماذا أقول لك ؟ من آية كونية إلى آية محكمة إلى آية فقهية إلى آية فيها وعيد، آية فيها وعد، آية فيها تطمين، آية فيها أمن.
8 ـ شفاء لما في الصدور:
تقرأ القرآن الكريم:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾
( سورة الأنعام )
تعيش مع الناس وتتخذ هذا القرآن مهجوراً ؟! تعيش بقيم الناس، همك الأول المال، المال وحده لا يسعد، همك الأول العلو في الأرض، العلو في الأرض يقصم الظهر، كثرة الظهور تقصم الظهور، تقرأ القرآن همك الأول أن تعرف الله، همك الأول أن تؤدي الصلاة في وقتها، فالقرآن شفاء لما في الصدور، القرآن غنىً لا فقر بعده، ولا غنىً دونه.
9 ـ تبعد الإنسان عن الخوف و الخرافات:
أيها الأخوة الكرام، تقرأ القرآن الكريم تجد إنساناً خائفاً:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
( سورة المعارج )
تقرأ القرآن:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أكبرُ (45) ﴾
( سورة العنكبوت)
الصلاة ذكر الله لك، في الصلاة يمنحك الحرية، عبد الله حر، يمنحك الطمأنينة، يمنحك الثبات، يبعد عنك الشبهات، فلان مسحور، وفلان وجد ملحاً أمام بيته، يعيش بالخرافات، يفتح القرآن:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ﴾
( سورة إبراهيم الآية: 22 )
10 ـ تبعد الإنسان عن الأوهام:
تقرأ القرآن يقول لك على سيدنا سليمان:
﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) ﴾
( سورة سبأ )
بهذه الآية تركل بقدمك مليون قصة ليست صحيحة، الجن لا يعلمون الغيب، والجن لا يملكون لكم نفعاً ولا ضراً:
﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (102) ﴾
( سورة البقرة )
تقرأ القرآن:
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ(200) ﴾
( سورة الأعراف )
﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) ﴾
( سورة الأعراف )
11 ـ تبين المساواة بين الرجل و المرأة في التكليف و التشريف و المسؤولية:
تجد تفاوتاً بين الذكر والأنثى، وتسمع المناداة بالمساواة التامة، المرأة مساوية للرجل مساواة تامة في التكليف، وفي التشريف، وفي المسؤولية، مكلفة كما هو مكلف، مشرفة كما هو مشرف، مسؤولة كما هو مسؤول ولكن:
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
( سورة آل عمران الآية: 36 )
خصائص المرأة الفكرية، والنفسية، والاجتماعية، والجسمية، فيها كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها، وخصائص الرجل الفكرية، والجسمية، والنفسية، والاجتماعية، فيها كمال مطلق للمهمة التي أنيطت به:
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
( سورة آل عمران الآية: 36 )
هناك تنوع خصائص، وهناك مساواة بالتكليف، بالتشريف، و بالمسؤولية، فعليك أن تبتعد عن التصورات المنحرفة، و ألا تحمل عقائد فاسدة أن هذه المرأة من المتاع، لا، عليك أن تحترمها.
12 ـ تبعد الإنسان عن اليأس و الإحباط و يعلم أن لكل أمة أجل:
أيها الأخوة حينما تقرأ في القرآن نهاية الطغاة لا تيأس، لا تقع في الإحباط واليأس، لكل أمة أجل، تقرأ القرآن:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾
( سورة الأنفال الآية: 36 )
تقرأ القرآن:
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ ﴾
طاغية كبير:
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) ﴾
(سورة القصص )
تتفاءل لو كنت مضطهداً، لو كنت من أمة تعاني ما تعاني من الطغاة في العالم، لو كنت في أمة تعاني ما تعاني تطمئن.
13 ـ تشفي الإنسان من جميع ألوان الحيرة التي تنتابه:
أيها الأخوة، اقرأ القرآن تفهم منه أن الله بالمرصاد:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) ﴾
( سورة إبراهيم)
صدقوا أيها الأخوة، جميع الشبهات، وجميع الشهوات، وجميع التساؤلات، وجميع الإحباطات، وجميع ألوان اليأس، جميع ألوان الحيرة التي تنتاب الإنسان المعاصر بتلاوة القرآن يشفى منها:
﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ (69) ﴾
( سورة النحل )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق